نص أم السعد فهم المنطوق السنة 1 متوسط الجيل الثاني
كَانَتْ أمّ السَّعْدِ امْرَأَةً في الْعَقْدِ الْخَامِسِ مِنْ عُمْرِها، طَوِيلَةَ الْقَامَةِ رَقِيقَةَ الْعُودِ، بَيْضَاءَ الْبَشرََةِ، مَرْفُوعَةَ الرَّأْسِ أَبَداً، ذَاتَ نَظْرَةٍ لا تَخْلُو مِنْ حِدّةِ. وَقَدْ وَخَطَ الشّيْبُ شَعْرَها،وَلَكِنّها لاَ تَزَالُ تَحْتَفِظُ بِالْكَثيرِ مِنْ نَشَاطِها وَحَيَوِيَّتها.
نَشَأَتْ أُمُّ السَّعْدِ في قَرْيَتها، الْوَاقِعَةِ عَلَ ضَفّةِ الْوَادِي وَبِهَا عَاشَتْ وَتَزَوّجَت.
تزوجها ابْنُ عَمِّها، وَهِيَ لَمْ تَبْلُغِ السّادِسَة عَشْرةَ مِنْ عُمْرِها؛ ولَكِنَّها كانَتْ كَامِلَة النُّضُوجِ في وَقْتٍ مُبَكّر. وَقَدْ تجَلّ كلُّ ذلك في حَدِيثِها وَتَصَّرفاتِها الْمُتَّزِنَة، فَأحَبَّها زَوْجُها لِخُلُقِها وَحُسْنِ سُلوكِها، ودَأَبَ عَلى احْتِرامِها وَتَقْدِيرِها مُنْذُ بِدَايَةِ حَياتِهِ الزَّوْجِيّةِ مَعَهَا.
مَاتَ عَنْها زَوْجُها، عِنْدَما بَلَغَتِ الْأرْبَعِينَ مِنْ عُمْرِها فَحَزِنَتْ عَلَيْهِ حُزْناً بالِغاً، انفْطَرَ لهَ قَلْبُها، وَبَكَتْهُ بِدمُوعٍ مُخْلِصةٍ مِمَّ أثَّرَ في صِحّتِها وَأَنْحَلَها، وغَيَّر مَلامِحَها بَعْضَ الشّءِ.
مُنْذُ تِلْكَ الْفَاجِعَةِ الّتي إلىمَّتْ بِها، أَخَذَتْ هيَ نَفْسُها تعْتَنِي ببُسْتانِها وَدَارِها. وَلَمْ تَكُنْ تَقْبَل أن يُسَاعِدَها أَوْلادُها في الْقِيام بِأَمْرِ الْبُسْتَانِ، لِأنَّ أَعْمَإلىهُم كَانَتْ تَتسِّمُ بِالسُّرعَةِ والابْتِسَار.
غَيرْ أَنَّها لَمْ تَأْسَفْ لِذَلِكَ؛ لَمْ يَكُنْ مِنَ الصّعْبِ عَلَيْها أَن تُؤَدّي الْعَمَلَ وَحْدَها. وَكَانَتْ تَشْعُر باعْتِزاَزٍ كُلّما انْتَهَتْ مِنَ الْقِيَامِ بِعَمَلٍ ما. فَقَدْ تَعَوّدَتْ أَنْ تُرَاقِبَ زَوْجها في حَيَاتهِ وَهُوَ يُؤدّي وَاجِبهُ في الْبُسْتَان؛ فَأُعْجِبَتْ بِمهَارتِه، وَتَعَلّمَتْ عَنْهُ حُبَّ الْجَماَلِ والتّنْسيقِ والرِّعايةِ.
أبو العيد دودو
تابع أيضا: